close

جان بول شارل إيمارد سارتر

Date of death: Tuesday, 15 April 1980

Number of Readers: 429

Known asجان بول سارتر

Specialtyفيلسوف

Date of birth21 June 1905

Date of death15 April 1980

بدأ حياته العملية استاذاً. درس الفلسفة في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية. حين احتلت ألمانيا النازية فرنسا، انخرط سارتر في صفوف المقاومة الفرنسية السرية. عرف سارتر واشتهر لكونه كاتب غزير الإنتاج ولأعماله الأدبية وفلسفته المسماه بالوجودية ويأتي في المقام الثاني التحاقه السياسى باليسار المتطرف. كان سارتر رفيق دائم للفيلسوفة والأديبة سيمون دي بوفوار التي أطلق عليها اعدائها السياسيون "السارترية الكبيرة". برغم أن فلسفتهم قريبة إلا أنه لا يحب الخلط بينهما. لقد تأثر الكاتبان ببعضهما البعض.
أعمال سارتر الأدبية هي أعمال غنية بالموضوعات والنصوص الفلسفية باحجام غير متساوية مثل الوجود والعدم - 1943 - والكتاب المختصر الوجودية مذهب إنسانى - 1945 - أو نقد العقل الجدلي - 1960 - وأيضا النصوص الأدبية في مجموعة القصص القصيرة مثل الحائط أو رواياته مثل الغثيان - 1938 - والثلاثية طرق الحرية - 1945 - . كتب سارتر أيضا في المسرح مثل الذباب - 1943 - والغرفة المغلقة - 1944 - والعاهرة الفاضلة - 1946 - والشيطان والله الصالح - 1951 - ومساجين ألتونا - 1959 - وكانت هذه الأعمال جزءا كبيرا من إنتاجه الأدبى. في فترة متأخرة من عمره في عام 1964 تحديدا, أصدر سارتر كتابا يتناول السنوات الاحدى عشر الأولى من عمره بعنوان الكلمات بالإضافة إلى دراسة كبيرة على جوستاف فلوبير في كتاب بعنوان أحمق العائلة - 1971-1972 - . لقد أصدر أيضا دراسات عن سير العديد من الكتاب مثل تينتوريتو ومالارميه وشارل بودلير وجان جينيه.
كان سارتر يرفض دائما التكريم بسبب عنده وإخلاصه لنفسه ولأفكاره ومن الجدير بالذكر انه رفض استلام جائزة نوبل في الأدب ولكنه قبل فقط لقب دكتور honoris causa من جامعة أورشليم عام 1976.
حياته
"أنا لا أحاول الحفاظ على حياتى من خلال فلسفتى فهذا شئ حقير, ولا أحاول إخضاع حياتى لفلسفتى فهذا شئ متحذلق, لكن في الحقيقة الحياة والفلسفة شيئا واحدا" من كتاب دفاتر طرائف الحرب.
مقدمة
لقد ترك جون بول سارتر ككاتب غزير الإنتاج أعمالا أدبية ضخمة على شكل روايات ومقالات ومسرحيات وكتابات فلسفية وسير ذاتية. أثرت فلسفته في فترة ما بعد الحرب وقد بقى مع ألبير كامو رمزا للمثقف الذي يأخذ إتجاها في كتاباته. منذ إلتحاقه بالمقاومة في 1941 - تم التشكيك في هذا الالتحاق بسبب موقفه الملتبس أثناء الاستعماروحتى وفاته في 1980, لم يكف سارتر عن تغطية الأحداث التي تدور من حوله. فكان في الحقيقة يخوض جميع المعارك نتخذا موقفا واضحا ومتبنيا بحماسة جميع القضايا التي كانت تبدو له عادلة. مثل فولتير القرن العشرين, ناضل سارتر دون كلل حتى نهاية حياته. بعد الحرب أصبح رائد مجموعة من المثقفين في فرنسا. وقد أثرت فلسفته الوجودية، التي نالت شعبية واسعة، على معظم أدباء تلك الفترة. منح جائزة نوبل للآداب عام 1964. تميزت شخصياته بالانفصال عنه وبدت وكأنها موضوعات جدال وحوار أكثر منها مخلوقات بشرية، غير أنه تميز بوضع أبطاله في عالم من ابتكاره.
لم يكن سارتر مؤلفاً مسرحياً محترفاً، وبالتالي فقد كانت علاقته بالمسرح عفوية طبيعية. وكان بوصفه مؤلفاً مسرحياً، يفتقر أيضاً إلى تلك القدرة التي يتمتع بها المحترف بالربط بين أبطاله وبين مبدعيهم. كما كان يفتقر إلى قوة التعبير الشاعري بالمعنى الذي يجعل المشاهد يلاحق العمق الدرامي في روح البطل الدرامي.
تميزت موضوعات سارتر الدرامية بالتركيز على حالة أقرب إلى المأزق أو الورطة. ومسرحياته " الذباب" " اللامخرج" "المنتصرون" تدور في غرف التـعذيب أو في غرفة في جهنم أو تحكي عن طاعون مصدره الذباب. وتدور معظمها حول الجهد الذي يبذله المرء ليختار حياته وأسلوبها كما يرغب والصراع الذي ينتج من القوى التقليدية في العالم التقليدي الذي يوقع البطل في مأزق ويحاول محاصرته والإيقاع به وتشويشه وتشويهه.
وإذا كان إدراك الحرية ووعيها هي الخطوة الأولى في الأخلاقية السارترية فإن اسـتخدامه لهذه الحرية وتصرفه بها - التزامه- هو الخطوة الثانية. فالإنسان قبل أن يعي حريته ويستثمر هذه الحرية هو عدم أو هو مجرد "مشـيئ" أي أنه أقرب إلى الأشـياء منه إلى الكائن الحي. إلا أنه بعد أن يعي حريته يمسي مشـروعاً له قيمته المميزة.
في مسرحيتيه الأخيرتين "نكيرازوف" - 1956 - و"سجناء التونا" - 1959 - يطرح سارتر مسائل سياسية بالغة الأهمية. غير أن مسرحياته تتضمن مسائل أخرى تجعلها أقرب إلى الميتافيزيقيا منها إلى السياسة. فهو يتناول مواضيع مثل: شرعية اسـتخدام العنف، نتائج الفعل، العلاقة بين الفرد والمجتمع، وبين الفرد والتاريخ. من مسرحياته أيضاً : "الشـيطان واللورد" و"رجـال بلا ظـلال".
وقد ساهم أيضا في إعطاء الجزائر استقلالها ووقف امام حركة بلاده الاستعمارية وكان قوله المشهور السلام هو الحرية.
الشباب والتوجه
طفولته
ولد جون بول سارتر في عائلة بسيطة برجوازية. كان والده يعمل بالجيش ونشأت والدته في عائلة من المفكرين والمدرسين وكان عمه رجل سياسي وكانت والدته ابنة عم ألبرت شوايتزر . لم يتعرف سارتر إلى والده الذي مات بعد خمسة عشر شهرا من ولادته ومع ذلك فقد كان حاضرا من خلال جده، وهو رجل ذو شخصيه قوية والذي قام بتربيته حتى التحق بالمدرسة العامة وهو في العاشره من عمره. عاش "بولو" الصغير، كما أطلق عليه، عشر سنوات من عام 1907 إلى 1917 مع والدته وعائلتها في سعادة وحب وهناء. اكتشف سارتر القراءة في مكتبة البيت الكبيرة وفضلها عن مصادقة الأطفال في سنه. انتهت هذه الفترة السعيدة عام 1917 عندما تزوجت والدته بجوزيف مانسى مهندس بحرى والذي كان سارتر يبغضه كثيرا. كان يبلغ سارترالثانية عشرمن عمره عندما انتقل للعيش ب "روشيل" وظل بها حتى الخامسة عشر من عمره. كانت هذه السنوات الثلاث سنوات تعيسة ففد ترك سارتر مناخ الأسرة السعيده ليصطدم بحقيقة زملائه الطلاب الذين مثلوا له العنف. أدى مرض سارتر عام 1920 إلى عودته إلى باريس كما أدى خوف والدته على أن تفسد أخلاقه بسبب زملائه الفاسدين بالمدرسة إلى ان تجعله يبقى معها بباريس.
دراسته
التحق سارتر وهو في السادسة عشر من عمره بالثانوية في مدرسة "هنرى الرابع " وهناك تعرف إلى بول نيزان كاتب مبتدىء ونشأت بينهم صداقه استمرت حتى وفاته في عام 1940 وقد ساهمت هذه الصداقه في تكوين شخصية سارتر. برع سارتر في مجال الفكاهه. استعد سارتر، مصاحبا بصديقه نيزان، للمسابقة الخاصة بالتحاق المدرسة التقليدية العليا "بمدرسة لويس لو جران ". قام سارتر في هذه المدرسة بكتابة أول اعماله الأدبية الرائعة وخاصة قصتين قصيرتين يحكى فيهما حكايتين مئسويتين لمدرسين في القرية.
ويظهر في هتين القصتين بوضوح أسلوب سارتر الساخر والملىء بالنفور من الحياة الاجتماعيه المصطنعة. ويستكمل سارتر في الوقت نفسه كفكاهى مع صديقه نيزان, يمثلان المشاهد القصيره ويلقيان النكات بين الحصص المدرسية. وبعد عامين من التحاقهما ب"لويس لو جراند" أصبحا هو ونيزان مشتركان في المسابقة. تمييز سارتر، بعد فترة وجيزة في "المدرسةالمدعوه بالتقليدية والعليا" كما اطلق عليها نيزان. ظل سارتر المحرك الأساسي لكل اعمال الشغب التي وصلت إلى اشتراكه بالتمثيل بمسرحية ضد الحكم العسكري في العرض الاحتفالى "بالمدرسة التقليدية العليا" مع زملائه وذلك عام 1927. عقب هذا الحدث استقالة جوستاف لانسون مديرالمدرسة والذي قام في نفس العام بالتوقيع هو وزملائه من دفعته على عريضه - تم إعلانها في 15 أبريل في مجلد "أوروبا" - ضد قانون المنظمة العامة للأمة لوقت الحرب والذي يلغى حرية الفكر والرأى. كان سارتر يميل إلى معارضة السلطه كما كان له مكانة كبيرة لدى أساتذته الذين كانوا يستضيفونه في المطعم الخاص بهم. كان سارتر مجتهد جدا حيث أنه كان يقرأ أكثر من 300 كتاب في العام ويكتب الأغاني والأشعار والقصص القصيرة والروايات. كون سارتر اصدقاء أصبحوا فيما بعد مشهورين مثل ريمون آرون وموريس ميرلو بونتى. وبالرغم من هذا لم يكن سارتر يهتم بالسياسة طوال الأربعة اعوام التي قضاها بالمدرسة التقليدية العليا. لم يكن يشترك بأي مظاهرة ولا مولع بأي قضيه. ومما اثار دهشة محبيه, رسوبه في مسابقة شهادة الأستاذية في الفلسفة عام 1928 مما جعلهم يشكون في صحه تقييم الحكام. فاز في هذه المسابقه ريمون ارون بالمركز الأول - الذي، كما صرح سارتر نفسه, بانه قدم شىء متميز للغايه - . عمل سارتر بجهد كبير من اجل التحضير للمسابقه التالية التي تعرف فيها إلى سيمون دى بوفوار عن طريق صديق مشترك رينيه ماهو والذي كان يطلق عليها اسم "قندس" نسبة للأنجليزية "بيفر" - و التي تعنى قندس: فمن جهه هذا الحيوان يمثل العمل والحماس ومن جهه أخرى ايقاع الكلمة قريب من الاسم "بوفوار" - . اطلق سارتر عليها هذا الاسم أيضا كما أنه أصبح رفيقها حتى اخر ايامها. حصل سارتر على المركز الأول في المحاولة الثانيه في المسابقة وحصلت سيمون دى بوفوار على المركز الثاني. طلب سارتر, بعد تأدية الخدمة العسكرية, ان يتم نقله إلى اليابان حيث أنها لاطالما اثارت اهتمامه. ولكن لم يتحقق هذا الحلم حيث أن تم ارساله إلى "هارف" الثانوية والتي يطلق عليها "فرنسوا الأول " منذ 1931. وكان هذا اختبار حقيقى لسارتر الذي طالما اخافته الحياه المنظمة والذي نقد دائما في كتاباته حياه الريفية المملة.
معلم في لو هافر
توغل سارتر ببساطة في الحياة الحقيقية والعمل والحياة اليومية حيث كان يصدم الأهالى والمعلمون بأساليبه - دخول الفصل دون ربطة عنق - لكنه أبهر خمسة أجيال من الطلاب الذين يعتبرونه مدرسا رائعا ومرحا وفاضلا بل وصديقا لهم. من هنا نشأ حنينه وإرتباطه بالمراهقة حتى نهاية حياته.
بين وقت وآخر, كان يستكمل ما بدأه ريمون آرون في المعهد الثقافى الفرنسي في برلين في عامى 1933 و 1934 فهناك يكمل ما استهله ريمون آرون عن ظاهراتية هوسرل.
قضت السنوات التي قضاها سارتر في الهافر على اعتقاده بالحصول على شهرة ومجد منذ الصغر بسبب رفض الناشرين لكتباته. لقد لاحفه سوء الحظمع كتابه الأول الذي نشر في 1938 "الغثيان" وهي رواية فلسفية - ظاهراتية - وسيرة ذاتية وهي تحكى آلام أنطوان روكيتان العازب صاحب ال35 عاما والمؤرخ. نقل سارتر للمدرسة العامة لمعلمون لاون ببيكاردي.
كان الخبر السعيد بالنسبة له هو نقله في تشرين الأول/أكتوبر 1937 إلى ليسيه الراعى في نويي-سور-سين.لقد بدأت هذه الفترة بمرحلة من سوء سمعة مع نشر كتابه الأول "الغثيان" الذي كان قريبا جدا من الفوز بجائزة غونكور ونشر مجموعته القصصية "الحائط". وقد انتهت هذه المرحلة بوصول الحرب العالمية الثانية والتي نقل خلالها إلى نانسي.
الحرب وموقفه الغامض منها
لم يكن سارتر يملك الوعى السياسى قبل الحرب. لقد شارك في الحرب دون تردد رغم أنه كان مسالما وضد العسكرية. لقد غيرته الحرب والحياة داخل المجتمع تغيرا كليا. أثناء الحرب الزائفة، جند كجندى في علم الطقس. اقد سمحت له هذه الوظيفة بإيجاد وقت فراغ كبير كان يستغله في الكتابة - بمتوسط 12 ساعة في اليوم خلال تسعة أشهر, أى 2000 صفحة, وقد نشر جزء صغير منهم تحت اسم "دفاتر الحرب الزائفة " - . كان يكتب في البداية لتجنب أى تعامل مع زملاءه لانه كان يضيق بالمعاملات الجادة والهرمية للجيش.
انتهت الحرب الزائفة في أيار/مايو 1940 وتحولت من حرب زائفة إلى حرب حقيقية. في 21حزيران/ يونيو, حبس سارتر في بادو في فوج ثم حول إلى مخيم اعتقال بألمانيا مع 25000 معتقل. أثرت تجربة السجن في سارتر بشكل كبير: تعلم من خلاله التضامن مع الآخرين؛ لقد شارك الحياة المجتمعية المرحة دون الاحساس بالقهر والخوف: كان يروى القصص والنكات لأصحابه في العنبر ويلعب مباريات الملاكمة معهم وكتب أيضا مسرحية قصيرة لسهرة عيد الميلاد وأطلق عليها "باركوبا" ولكنها لم تنشر.
كانت هذه الحياة مع المعتقلين مهمة لانها كانت نقطة تحول في حياته: فلم يعد فردى الثلاثينيات لكنه رأى وجوب الانخراط داخل المجتمع.
في آذار/مارس 1941, أطلق سراح سارتر بسبب شهادة طبية خاطئة ولكن حسب أقوال الأخوة جيل وجون روبرت راجاش, انه قد تم إطلاق سراحه بتدخل من بيير دريو لا روشيل: في خريف 1940, قام دريو بكتابة قائمة بالكتاب المعتقلون وكان من بينهم سارتر ومكتوب امام هذه القائمة "المطالبة بإطلاق سراح الكتاب" أخذته رغبته الجديدة في الالتحاق منذ عودته من باريس لأنشاء حركة مقاومة مع بعض من زملاءه مثل سيمون دى بوفوار تحت اسم حركة "الاشتراكية والحرية". التحق بها حوالى خمسون عضوا في حزيران/يونيو 1941. كان سارتر معارضا متواضعا لكن صادق. أخذ عليه فلاديمير جانكليفيتش اهتمامه بالتقدم في عمله اكثر من التنديد ومعارضة المحتل. في صيف 1941, قام سارتر بعبور الولاية بالدراجة لتوسيع عدد اعضاء الحركة من المثقفين مثل جيد ومالرو لكن دون جدوى. حلت حركة "الاشتراكية والحرية" في نهاية عام 1941 بعد القبض على عضوان من اصدقاءه . في تشرين الاول/أكتوبر 1941, تولى سارتر منصب المدرس في ليسيه كوندورسيه في الkhâgne وهي فصول اعدادية متخصصة في الأدب بدلا من فيرديناند آلكييه. كان المعلم هنرى دريفوس لوفوايي أول من شغل هذا المنصب وحتى 1940 لكن أطيح به لكونه يدين باليهودية.كشف جان دانيال هذه الواقعة في تشرين الاول/أكتوبر 1997 في افتتاحية جريدة Nouvel observateur وقد ألقى باللوم على سارتر. تسائل انجليد جالستر عن موقف سارتر الغير واضح ثم قال "اذا كان سارتر يريد ذلك او لم يرد فهو استفاد من القوانين العنصرية لحكومة فيشي " وقد نشر في هذا الوقت العديد من المقالات في المجلة المتعاونة مع العدو "كويميديا" التي قام بإنشائها رينيه ديلانج في 21 حزيران/ يونيو 1941 تحت إدارة Propaganda-Staffel].
بالرغم من حل حركة "الاشتراكية والحرية"، لم يتنازل سارتر عن دوره في المقاومة الذي استكمله عن طريق الكتابة. في 1943, قام سارتر بكتابة وإخراج مسرحية "الذباب" والتي تتخذ أسطورة اليكترا كنداء رمزى لمقاومة المعتدى, وقد تعرف على ألبير كامو خلال أول عرض لها. في هذه الفترة من الاحتلال، لم تحصل المسرحية على الدوى المتوقع لها: كانت القاعات فارغة وتوقف العروض مبكرا جدا عن الوقت المتوقع لها. كان هذا العرض غامض بالنسبة لجان أمادو : في 1943, في السنة الأكثر قبحا للاستعمار, كان يعرض "الذباب" في باريس. هذا يعنى انه فعل ما فعله ساشا جيترى الذي ان يقدم عروضه امام جمهور من العمال الالمان وانتهى به الحال إلى ان قبض عليه بينما حول سارتر للجنة التنقية التي كانت تحكم الجواز للكتاب بالنشر ام الوقف والحظر. أندريه مالرو نفسه الذي كان يخاطر بحياته في المقاومة لم يكن عضوا في هذه اللجنة. اعتبر ميشيل وينوك أن "مكر سارتر هو الذي حول الفشل المسرحى إلى مكسب سياسى"
في نفس العام, نشر سارتر "الوجود والعدم" التي اظهرت تأثر سارتر بهايدغر، فقد تعمق في القواعد النظرية لمنظومة فكره. من 17كانون الثاني/يناير إلى 10 نيسان/أبريل 1944، بعث ب 12 برنامج مسجل لراديو فيشى .
ثم كتب مسرحية تسمى "الآخرون" وقد تغير اسمها إلى الغرفة المغلقة
والتي عرضت في أيار / مايو 1944 وقد لاقت نجاحا واضحا. نحو نهاية الحرب, جند كامو سارتر في شبكة المقاومة "قتال" وأصبح كاتب في جريدة تحمل نفس الاسم "قتال" وقد وصف في صفحاتها الأولى تحرير باريس. وبدأت من هنا شهرته العالمية. بعث سارتر في كانون الثاني / يناير 1945 إلى الولايات المتحدة لكتابة مجموعة مقالات في جريدة لو فيجارو وقد استقبل استقبال أبطال المقاومة. إذن, فالحرب قسمت حياة سارتر إلى جزئين: منذ بدايته وحتى "الوجود والعدم"، كان فيلسوفا للوعى الفردى ثم تحول إلى مثقف وصاحب موقف سياسى باهتمامه بقضايا العالم. تحول من مدرس معروف في العالم الفردى إلى نجم عالمي بعد الحرب.
سنوات المجد
الجنون الوجودى
في 1945, قطن سارتر في 42 شارع بونابرت وظل هناك حتى 1962. بعد التحرير, نجح سارتر نجاحا كبيرا؛ فقد ظل لأكثر من 10 سنوات يقود الآداب الفرنسية. انتشرت افكاره الوجودية من خلال المجلة التي أنشأها في 1945 تحت اسم "Les Temps modernes". كتب سارتر في هذه المجلة بجانب سيمون دي بوفوار وموريس ميرلو بونتي وريمون آرون وآخرون. في الافتتاح الطويل لعددها الأول، طرح سارتر تساؤلا عن مبدأ مسئولية الفرد وعن الأدب الموجه أى الذي يأخذ اتجاها واضحا.بالنسبة لسارتر، الكاتب هو شخص صاحب موقف في عهده حتى ان تظاهر بالموضوعية. طغت هذه الرؤية على جميع النقاشات الثقافية في النصف الثاني من القرن العشرين. اعتبرت هذه المجلة كأحدى المجلات الفرنسية الأكثر شهرة على المستوى العالمي. بذلك أنهى سارتر التقليد الفلسفى الذي يقضى بأن الكاتب دائما على الحياد كما قيل كثيرا في فرنسا الفيشية وألمانيا النازية. كانت ندوة تشرين الأول / أكتوبر 1945 الشهيرة رمز الهيمنة الثقافية للتيار الوجودى عندما حاول جمهور ضخم للدخول للقاعة الضيقة المحجوزة والمخصصة للندوة. تزاحم الناس وغادرت أفواج منهم وأصيب النساء بالاغماء وفقدان الوعى. عرض سارتر في هذه الندوة نبذة مكثفة عن فلسفته الوجودية التي تناولها بالتفصيل في كتابه "الوجودية مذهب إنسانى". أراد سارتر التقرب في هذا الوقت من المراكسيين الذين يرفضون فكرة الحرية الجذرية : في نص الندوة، قام سارتر بعرض الفكرة المهيمنة على الوجودية وهي ان الإنسان لا يستطيع رفض الحرية، الحرية تميل إلى المستقبل، كل فعل حر هو مشروع، تنفيذ المشروع الفردى يعدل تنفيذ المشروعات الفردية الأخرى، الحرية هي أساس كل القيم الإنسانية، إتخاذ المواقف في اختيار الشركات تجعل الإنسان إنسانا .
كل الناس كانت تريد أن تكون وجودية وتعيش وجودية. أصبح حى Saint-Germain-des-Prés الذي يقيم به سارتر معقل الوجودية كما هو مكان للحياة الثقافية والليلية: كان يحتفل الناس بالعيد في الكهوف المدخنة ويستمعون لموسيقى الجاز ويذهبون إلى مقهى المسرح. كان الفكر الفلسفى لسارتر ظاهرة نادرة لتاريخ الفكر الفرنسي فقد لاقى صدى غير معهود من جمهور واسع للغاية. يمكن تعليل ذلك بعاملين أساسيين : أولا، أعمال سارتر متعددة الأشكال وتسمح لكل شخص إيجاد مستوى القراءة الذي يناسبه, ثانيا, الوجودية التي تنادى بالحرية الكاملة بالإضافة إلى المسئولية الكاملة لافعال الإنسان امام الآخرين وامام نفسه. أصبحت الوجودية إذن ظاهرة حقيقية مخلصة إلى حد ما لافكار سارتر ومن خلالها يعتبر الكاتب الوجودى قديما بعض الشئ.
الائتلاف الديموقراطى الثورى
في هذا الوقت، أكد سارتر انتمائه وموقفه من خلال مقالاته في مجلته "Les Temps modernes" : تمسك سارتر كباقى مثقفو عصره بقضية الثورة الماركسية على أوامر وتعليمات الاتحاد السوفيتي التي لم تلبى مطلب الحرية. إستكمل سارتر وسيمون دى بوفوار وزملاءهم البحث عن طريق آخر وهو الرفض الثنائى للرأسمالية والستالينية. لقد ساند سارتر الكاتب الأمريكي ريتشارد رايت وهو كاتب أسود البشرة وعضو في الحزب الشيوعى الأمريكي وقد نفى إلى فرنسا منذ 1947.
في مجلته "Les temps modernes"، أخذ سارتر موقفا معاديا للحرب الهندوصينية وهاجم الجولية وانتقد الإمبريالية الأمريكية. كان سارتر جريئا في استخدام الكلمات في مجلته حتى أنه وصف "كل معارض للشيوعية بالكلب"
ترجم سارتر فكره إلى موقف سياسى بإنشائه لحزب سياسى جديد تحت اسم "الائتلاف الديموقراطى الثورى" - RDR - . بالرغم من بعض المظاهرات الناجحة، لم يتوصل الحزب إلى أن يكون ذات فعالية كافية ليكون حزبا حقيقيا وقدم سارتر استقالته في أكتوبر 1949.
الإغواء الشيوعى
دفعت حرب كوريا وقمع مظاهرة ضد العسكر للحزب الشيوعى الفرنسي لاختيار الفريق الذي سينتمى اليه: رأى سارتر في الشيوعية الحل لمشاكل البروليتاريا. هذا ما جعله يقول "إذا أرادت الطبقة العمالية الانشقاق من الحزب الشيوعى الفرنسي، فلا يوجد أمامها إلا حل واحد وهو الانهدام .
أصبح سارتر صديقا للحزب الشيوعى بين 1952 و 1956
منذ هذا الوقت، شارك في الحركة وترأس منظمة فرنسا-الاتحاد السوفيتى. اعلن سارتر ان "في الاتحاد السوفيتى، حرية النقد كاملة" .
و أصبح عضوا بالمجلس العالمي للسلام.
فصل الفكر المقرب من الشيوعية سارتر عن ألبير كامو المقربين جدا في السابق. بالنسبة لكامو، لا يجب أن تنتصر الايدلوجية الشيوعية على الجرائم الستالينية. بالنسبة لسارتر, لا يمكن استخدام هذه التصرفات كتبرير للتخلى عن الميول الثورية.
ظل هذا الإخلاص للحزب الشيوعى الفرنسي حتى خريف 1956, وهو تاريخ دهس الدبابات السوفيتية لانتفاضة بودابست. بعد إمضاءه لعريضة مثقفو اليسار والشيوعيون المحتجون، أعطى سارتر لقاء طويل لجريدة "express" لاعلان استقالته الجذرية عن الحزب.
البنيوية وفلوبير وجائزة نوبل
بعد ذلك، هبطت سرعة نجاح الوجودية: في ستينيات القرن العشرين، انخفض تأثير سارتر على الآداب الفرنسية والأيدلوجية الثقافية خاصة أمام البنويون مثل عالم الأجناس ليفي ستروس والفيلسوف فوكو وعالم النفس جاك لاكان. تعتبر البنيوية عدوا للوجودية : لا يوجد في البنيوية إلا مساحة ضئيلة من الحرية الإنسانية, كل شخص هو متداخل مع الهياكل التي تتعداه. في الحقيقة، سارتر كمدافع عن أولوية الوعى على اللا وعى وأولوية الحرية على الهياكل الاجتماعية لم يكلف نفسه عناء مناقشة هذا التيار الجديد: لكنه فضل تكريس جهده لتحليل القرن التاسع عشر والإنتاج الادبى وخاصة دراسة كاتب طالما أبهره وهو جوستاف فلوبير. في ستينيات القرن العشرون، تدهورت صحة سارتر بسرعة. أحرق سارتر نفسه من خلال نشاطه الأدبى والسياسى الزائد ومن خلال استهلاكه للتبغ والكحول بكميات كبيرة. كان يوم 10 كانون الاول/ديسمبر 1964 هو اليوم الأكثر دويا في العالم عندما رفض سارتر جائزة نوبل في الأدب لانه يعتبر انه لا يستحق أى شخص أن يكرم وهو على قيد الحياة.
لقد رفض أيضا وسام جوقة الشرف في 1945 وندوة في كوليج دو فرانس. كانت هذه التكريمات بالنسبة لسارتر تقييدا لحريته لانها تجعل من الكاتب مؤسسة. ظل هذا الموقف شهيرا لانه يوضح مزاج المثقف الذي يريد أن يكون مستقلا عن السلطة السياسية.
سنوات الالتحاق والمواقف
بالرغم من ابتعاد سارتر عن الحزب الشيوعى إلا انه استكمل اتخاذ المواقف تجاه القضايا المختلفة. فكان أحد أهداف منظمة من اجل الحرية والثقافة وهي منظمة ثقافية مناهضة للشيوعية وأسست في 1950.
الحرب الهندوصينية
في 1950, تفجرت قضية هنرى مارتن وهو بحار وناشط في الحزب الشيوعى الفرنسي قبض عليه لتوزيعه منشورات ضد الحرب الهندوصينية على الساحة العسكية وعلى ترسانة أسلحة تولون. وقد أتهم أيضا لاحداث تخريب لصالح الفيت مين والتي تم تبرئته منها في محكمة تولون. دافع سارتر عن هنرى مارتن ناشرا كتابا باسم "قضية هنرى مارتن" الذي يلخص أسباب هذا الدفاع. كدليل على النطاق الكبير لهذه القضية، اشترك مثقفو اليسار المعروفون في كتاية نفس الكتاب وهم : ميشيل ليريس وهيرفى بازين وبريفير وفيركورس. ظل سارتر يقظا حتى نهاية هذه الحرب وقد خصص عددا خاصا لهذه القضية في مجلة "Temps Moderns" - فيت مين، أكتوبر 1953 - .
حرب الجزائر
منذ 1956, اتخذ سارتر ومجلته "Les Temps moderns" موقفا معاديا لفكرة جزائر فرنسية وقد تبنى رغبة الشعب الجزائرى في الاستقلال. احتج سارتر على التعذيب ، ويطالب بحرية الشعوب بتقرير مصائرهم وقد صور العنف على انه غرغرينا ونتيجة للاستعمار .
في 1960 وخلال محاكمة شيكات التبنى لجبهة التحرير الوطني الجزائرية، أعلن سارتر انه "حامل حقيبة" لجبهة التحرير الوطني الجزائرية .
دفع سارتر ثمن هذا الموقف فقد قصفت منظمة الجيش السري منزله مرتين واستولت على مجلة "Les Temps moderns" خمس مرات.
كوبا
في حزيران/يونيو 1960, كتب سارتر 16 مقالا في جريدة "France Soir" تحت اسم "إعصار على السكر لكنه قطع علاقته مع فيدل كاسترو بعد قضية "باديلا" عندما سجن الشاعر الكوبى هربرتو باديلا بعدما انتقد نظام كاسترو. قال عن فيدل كاسترو : "لقد أعجبنى, وذلك نادر, لقد أعجبنى كثيرا". ردا على قمع المثليون، قال سارتر ان "المثليون هم يهود كوبا" .
مايو 1968
بعدما نشر الجزء الأول من "نقد المنطق الجدلى" في 1960 وبدأ تحضير الجزء الثاني من نفس الكتاب، شارك سارتر بقوة في أحداث أيار/مايو 1968. في 1967, صعد سارتر إلى رأس المشهد عندما رأس محكمة راسل مع بيرتراند راسل وهي محكمة معلنة وجمعية عالمية للمثقفون والنشطاء والشهود المكلفون بالحكم على الحروب أو إدانتها وبالأخص حرب الامريكان في فيتنام.
إن لم يكن ملهم أحداث أيار/ مايو 1968, قام سارتر بصنع أصداء الثورة في الشارع وعلى المنابر وفي الجرائد وعلى أبواب المصانع المضربة. لقد قام بتسجيل حوار مع دانيال كوهن-بندت في جريدة "Le Novel Observation" وقد أعطاه الفرصة للتعبير عما يريد خلال اسبوعا كاملا. في سن ال63 عاما، ذهب إلى جامعة سوربون ليتحاور مع الطلاب. ثم ندد "بالانتخابات التي وضعت الفخاخ للأغبياء" حسب وصفه لانتخابات ديغول.
على الصعيد الدولي، ندد سارتر بالتدخل السوفيتى ضد ربيع براغ في تشيكوسلوفاكيا.
رجل اليسار
بالرغم من تدهور صحته أكثر فأكثر, استمر سارتر في المقاومة "اليسارية" متبنيا حركة الماوية ضد القمع. في 1971, قرر سارتر ان يشغل منصب رئيس الجريدة الثورية "قضية الشعب" المهددة بالمصادرة بضغط من السلطات البومبيدية فنزل الشارع مع مشاهير مثل سيمون دي بوفوار وغيرها لبيع الجريدة وقد فعل كذلك مع جريدتين ماويتين "الكل" و"أنا أتهم". في 1973, أسس سارتر جريدة "التحرير" مع سيرج جولى وفيليب جافى وبرنار لالمون وجان كلود فيرنيي وظهرت الجريدة ربيع هذا العام. بعد مرضه بالخرف الوعائى، قدم سارتر استقالته من رئاسة الجريدة في 24 أيار/مايو 1974. لقد ارتبط خلال كل هذه الفترة بالحركات اليسارية والنسائية مع إعطاءها اسمه بارادته لمساعدتها.
الصراع الإسرائيلي الفلسطيني
بعدما وصل لآخر سنوات حياته, اهتم سارتر بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني. كان يندد بالأحوال المعيشية التي لا يحسد عليها الفلسطينيون التي تبرر اللجوء للإرهاب معترفا بشرعية دولة إسرائيل.
في 1976, قبل سارتر الجائزة الشرفية الوحيدة في حياته وهي جائزة الدكتور هونوريس كوزا honorees cause لجامعة إسرائيل وقد تلقاها من سفارة إسرائيل بباريس بواسطة الفيلسوف إيمانويل ليفيناس. لقد فبل هذه الجائزة فقط لأسباب سياسية "لخلق رابط بين الشعب الفلسطينى الذي أتبناه وإسرائيل صديقتي."
وفاته
بعدما وصل سارتر لسن ال66 في 21حزيران/ يونيو 1971، أصيب سارتر بأزمة قلبية وعائية في 16أيار/ مايو 1971 .
في آذار/مارس 1980, نشرت جريدة "Novel Observation" على ثلاثة أعداد مجموعة من الحوارات مع بينى ليفى تحت اسم "الأمل الآن".
توفى سارتر عن عمر يناهز 75 عاما في مستشفى بروسية بباريس بعد إصابته وذمة الرئة.
في العالم كله، أثار خبر وفاته ضجة كبيرة. في 19 نيسان/أبريل 1980, هرع 50 ألف شخصا إلى شوارع باريس للسير في موكب الدفن ولإعطاءه التكريم المناسب لشخصه. كان هذا الجمع المهيب دون أى خدمة تنظيم من أجل الرجل الذي أسر ثلاثة أجيال من الفرنسيين بأدبه. كان من بينهم تلاميذه القدامى من سنوات الهافر وزملاءه في التحرير وشيوعيون الخمسينيات والنشطاء القدامى للسلام في الجزائر وأخيرا شباب الماوية.
لقد دفن في مقبرة مونت بارناس بباريس - الحى 14 - . دفنت سيمون دى بوفوار في نفس القبر وكتب فوقه: جان بول سارتر - 1905-1980 - وسيمون دى بوفوار - 1908-1986 - .
فلسفته
تكون نفسك أو تكون لنفسك أو تكون
الوجود يسبق الجوهر
الحرية والانعزال
الماركسية
كتابات عن الفن والفنانون
مؤلفاته
تعالي الأنا موجود. - 1936 -
التخيّل. - 1936 -
تخطيط لنظرية الانفعالات. - 1939 -
الخيالي. - 1940 -
الوجود والعدم. - 1943 -
الوجودية مذهب إنساني. - 1946 -
نقد العقل الجدلي. - 1960 -

Source: ويكيبيدبا،الموسوعة الحرة

Messages of Condolences

No messages, be the first to leave a message.

Send a Message of Condolences to جان بول شارل إيمارد سارتر

You must